الأرقم بن أبي الأرقم
كان اسمه عبد مناف بن أسد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ويكنى أبا عبد
الله. قال ابن السكن، أمهُ (تماضر بنت حذيم السهمية) ويقال بنت عبد الحارث
الخزاعية، وكان سابع رجل يدخل في الإسلام، وقيل : كان الثاني عشر من
الذين أعلنوا إسلامهم. وفي الدار التي كان يمتلكها الأرقم على جبل الصفا،
كان النبي محمد يجتمع بأصحابهِ بعيداً عن أعين المشركين؛ ليعلمهم القرآن
وشرائع الإسلام، وفي هذه الدار أسلم كبار الصحابة وأوائل المسلمين، وهاجر
الأرقم إلى المدينة، وفيها آخى رسول الله ( بينه وبين زيد بن سهل -رضي
الله عنهما-.
شهد الأرقم بدراً وما بعدها من المشاهد، ومات بالمدينة في سنة 55 هجرية، وصلى عليه سعد بن أبي وقاص، وله بضع وثمانون سنة.
وشهد الأرقم بن أبي الأرقم بدرًا وأحدًا والغزوات كلها، ولم يتخلف عن
الجهاد، وأعطاه رسول الله ( دارًا بالمدينة. وروى أن الأرقم -رضي الله عنه-
تجهز يومًا، وأراد الخروج إلى بيت المقدس، فلما فرغ من التجهيز والإعداد،
جاء إلى النبي ( يودعه، فقال له النبي (:
(ما يخرجك يا أبا عبد الله، أحاجة أم تجارة ؟) فقال له الأرقم: يا رسول
الله! بأبي أنت وأمى، أني أريد الصلاة في بيت المقدس، فقال له الرسول (:
(صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) فجلس
الأرقم، وعاد إلى داره مطيعًا للنبي ( ومنفذًا لأوامره. [الحاكم].
وظل الأرقم يجاهد في سبيل الله، لا يبخل بماله ولا نفسه ولا وقته في سبيل
نصرة الإسلام والمسلمين حتى جاءه مرض الموت، ولما أحس -رضي الله عنه-
بقرب أجله في عهد معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أوصى بأن يصلي عليه
سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- ثم مات الأرقم وكان سعد غائبًا عن
المدينة آنذاك، فأراد مروان بن الحكم أمير المدينة أن يصلي عليه فرفض
عبيد الله بن الأرقم، فقال مروان: أيحبس صاحب رسول الله ( لرجل غائب؟
ورفض ابنه عبيد الله بن الأرقم أن يصلي عليه أحد غير سعد بن أبي وقاص،
وتبعه بنو مخزوم على ذلك، حتى جاء سعد، وصلى عليه، ودفن بالعقيق سنة
(55هـ).