موضوع: أبو ايوب الأنصارى الثلاثاء يونيو 04, 2013 3:59 am
المجاهد أبو أيوب الأنصاري هو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو الأنصاري الخزرجي، معروف باسمه وكنيته, وأمه هند بنت سعيد بن عمرو من بني الحارث بن الخزرج من السابقين. روى عن النبي وعن أبي بن كعب. روى عنه البراء بن عازب وزيد بن خالد، والمقدام بن معدي كرب وابن عباس وجابر بن سمرة وأنس وغيرهم من الصحابة وجماعة من التابعين. خرج مع وفد المدينة لمبايعة النبي محمد بن عبد الله في مكة في بيعة العقبة الثانية. نزل عنده رسول الإسلام محمد عند قدومه من مكة. آخى الرسول بينه وبين مصعب بن عمير. وعندما وصل رسول الله ( إلى أرض النصرة والإيمان مختتمًا رحلته الطويلة التي هاجر فيها من مكة إلى المدينة، وصار وسط جموع المسلمين التي خرجت لاستقباله، وتزاحم الناس حول زمام ناقته، كل يريد أن يستضيف رسول الله (، والنبي ( يقول لهم: (خلوا سبيلها، فإنها مأمورة) [البيهقي]. ويمضي موكب رسول الله ( ويصل إلى حي بني ساعدة، فحي بني الحارث، فحي بني عدي، ويخرج من كل حي من يعترض طريق الناقة آملاً أن يسعدوا بنزول رسول الله ( في ديارهم، وفي كل مرة يجيبهم النبي ( (خلوا سبيلها، فإنها مأمورة) [البيهقي]. إن قدر الله -عز وجل- هو الذي يتحكم في اختيار مكان نزول النبي ( حيث سيكون لهذا المكان مكانته العظيمة، ففوق أرضه سيقام المسجد الذي تنطلق منه أشعة الهدى والنور؛ لتضيء الدنيا بأسرها، وبجوار هذا المسجد سيقيم النبي ( في حجرات متواضعة. وأمام دار مالك بن النجار بركت الناقة، ثم نهضت وطوَّفت بالمكان، ثم عادت إلى مكانها الأول، ونزل رسول الله ( متفائلا، وتقدم أحد المسلمين، وقد عمرت الفرحة قلبه، فحمل متاع الرسول ( وأدخله بيته، ثم دعا رسول الله ( للدخول. وكان بيت أبي أيوب مالك بن دينار طابقين، فاختار رسول الله ( الطابق الأسفل ليكون محل إقامته، وصعد أبو أيوب إلى الدور العلوي ولكنه لم ينم تلك الليلة، لأنه لم يستطع أن يتخيل نفسه وهو نائم في مكان أعلى من المكان الذي ينام فيه الرسول (. وفي الليل سال الماء في غرفته، فقام هو وزوجته أم أيوب ينظفانه خشية أن يصل إلى رسول الله ( منه شيء. وفي الصباح ذهب أبو أيوب إلى النبي ( وأخذ يلح عليه ويرجوه أن ينتقل إلى الطابق العلوي، فاستجاب النبي ( لرجائه، وظل الرسول ( في بيت أبي أيوب حتى انتهى من بناء المسجد، وبناء حجرة له بجواره.وكان -رضي الله عنه- محبًّا للجهاد في سبيل الله، فمنذ أن حضر بيعة العقبة الثانية وحتى منتصف القرن الأول الهجري وهو يعيش في جهاد متواصل، لا يغيب عن حرب، ولا يتكاسل عن غزو، وشهد مع رسول الله ( بدرًا وأحدًا والخندق، والغزوات كلها، وحتى بعد وفاة النبي ( لم يتخلف عن غزوة كُتب للمسلمين أن يخوضوها إلا غزوة قد أمَّر فيها على الجيش شاب لم يقنع أبو أيوب بإمارته، فقعد ولم يخرج معهم، ولكنه ما لبث أن ندم على موقفه هذا وقال: ما خبرني مَنْ استُعمِلَ عليّ؟ ثم خرج فلحق بالجيش. قال أبو أيوب الأنصاري للرسول يا رسول الله، كنت ترسل إليّ بالطعام فأنظر، فإذا رأيتُ أثر أصابعك وضعتُ يدي فيه، حتى كان هذا الطعام الذي أرسلتَ به إلي، فنظرت فيه فلم أرَ فيه أثر أصابعك ؟!) فقال رسول الله أجل إنّ فيه بصلاً، وكرهتُ أن آكله من أجل الملَكَ الذي يأتيني، وأمّا أنتم فكلوه) كان رسول الله يطوفُ بين الصفا والمروة، فسقطت على لحيتِه ريشةٌ، فابتدر إليه أبو أيوب فأخذها، فقال له النبي :«نزع الله عنك ما تكره» وخالد بن زيد وابنه زيد ابن حارثة هما حب الرسول وأبن حبه كما وصفهما الرسول حادثة الإفك خلال حادثة الإفك، قالت أم أيوب لأبي أيوب: (ألا تسمع ما يقول الناسُ في عائشة؟) قال: (بلى، وذلك كذب، أفكنتِ يا أم أيوب فاعلة ذلك؟) قالت: (لا والله) قال: (فعائشة والله خير منكِ) فلمّا نزل القرآن وذكر أهل الإفك ذكر القرآن: (لولا إذْ سمعتُموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفكٌ مُبين) لما تزوج الرسول بصفية، بخيبر أو ببعض الطريق، فبات بها الرسول في قبة له، وبات أبو أيوب الأنصاري متوشحاً سيفه يحرس رسول الله ويطيف بالقبة حتى أصبح رسول الله، فلما رأى مكانه قال: (مالك يا أبا أيوب؟) قال: (يا رسول الله، خفت عليك من هذه المرأة، وكانت امرأة قد قتلت أباها وزوجها وقومها، وكانت حديثة عهد بكفر، فخفتها عليك) فقال رسـول الله : (اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني) موقفه من الفتنة لما وقع الخلاف بين علي ومعاوية وقف أبو أيوب مع علي لأنه رأى أن الحق معه في عدم تعجيل القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه، ولما استشهد علي وقف أبو أيوب بنفسه الزاهدة الصامدة لا يرجو من الدنيا إلا أن يظل له مكان فوق أرض الوغى مع المجاهدين. أتى أبو أيوب عبد الله بن عباس رضي الله عنه فشكا إليه أنّ ديناً عليه، ففرّغ له بيتَه، فقال لأصْنَعَنّ بكَ كما صنعت برسول الله ) قالكم عليك من الدّين؟) قال: (عشرون ألفاً) فأعطاه أربعين ألفاً وعشرين مملوكاً، وقاللك ما في البيتِ كلِّه) وفاته ورغم أن عمره تجاوز الثمانين عامًا إلا أنه ما كاد يسمع منادى الجهاد يحثُّ المسلمين على الخروج لفتح القسطنطينية (إستامبول الآن) حتى حمل سيفه على عاتقه قائلا: أمرنا الله -عز وجل- أن ننفر في سبيله على كل حال، فقال تعالى: {انفروا خفافًا وثقالاً} [التوبة: 41]. وفي هذه المعركة أصيب أبو أيوب، فذهب قائد الجيش يزيد بن معاوية يعوده، وقال له: ما حاجتك أبا أيوب؟ فقال: إذا أنا مت فاحملوني إلى أرض العدو ثم ادفنوني، ثم قال لهم: أما إني أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله ( سمعته يقول: (من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة) [متفق عليه]. وبالفعل كان له ما أراد، فقد طلب أن يحمل جثمانه فوق فرسه، ويمضي به أطول مسافة ممكنة في أرض العدو، وهنالك يدفنه، ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق، حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره، فيدرك آنئذ، أنهم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز ! وفي قلب القسطنطينية في إسطنبول ثوي جثمانه رضي الله عنه مع سور المدينة وبُنيَ عليه، فلمّا أصبح المسلمون أشرف عليهم الروم، فقالوا: (يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأنٌ ؟) فقالوا مات رجلٌ من أكابر أصحاب نبيّنا محمد ، ووالله لئن نُبِشَ لأضْرُبَ بِناقوسٍ في بلاد العرب) فأصبح قبره لأهل قسطنطينية وقبل أن يصل لهم الإسلام قبر قديس يتعاهدونه ويزورونه. اذهبوا بجثماني بعيدا بعيدا في أرض الروم ثم ادفنوني هناك أبو أيوب الأنصاري وكان -رضي الله عنه- زاهدًا ورعًا لا يحب البذخ أو الترف، فقد دخل يومًا بيتًا من بيوت المسلمين فوجد أصحابه قد زينوه بالستائر فطأطأ رأسه ناكرًا لفعلهم، وتركهم وقفل راجعًا، وكان واحدًا من رهبان الليل وفرسان النهار، عشق الجهاد، وتمنى الشهادة. وظل هكذا حتى لقى ربه بعد حياة طويلة شاقة قضاها جنديًّا من جنود الله الذين لم يرضوا لأنفسهم الركون إلى الدنيا، وخرجوا بأنفسهم وأموالهم فاتحين بلاد المشرق والمغرب، ليُخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وليسعدوا جميعًا بالإسلام في الأرض.